يحتفل الاتراك بواحدة من أهم مناسباتهم الوطنية وهي عيد النصر التركي في الثلاثين من شهر أغسطس/ آب في عام احتفالًا شعبيًا ورسميًا وعسكريًا بشكل يعكس مدى تقديرهم لهذه المناسبة في تاريخهم الوطني.
ويرجع تاريخ عيد النصر التركي إلى سنوات الحرب الثلاث التي خاضتها تركيا ضد دول الحلفاء ومعهم اليونان بعد أن قاموا باحتلال الأراضي التركية عقب الحرب العالمية الأولى، مستغلين ضعف الدولة العثمانية وهزيمتها.
العناوين الرئيسية
مقدمات عيد النصر التركي
عزمت الدول الغربية على تركيع دولة الخلافة العثمانية للأبد بعد أن كانت الأخيرة حائط الصدّ الوحيد المتبقي الذي يحول دون تقسيم الدول الإسلامية كمناطق نفوذ اقتصادي وعسكري لدول أوروبا.
فأوعزت دول الحلفاء في صيف وخريف عام 1919 إلى دولة اليونان المتاخمة للحدود التركية ببدء عملية احتلال عسكري للمناطق القريبة، وفد نجحت هذه العملية في احتلال العديد من المدن التركية الهامة مثل أدريانوپل “أدرنة” وبورصة وسميرنا “إزمير”.
دعمت دول المحور القوات اليونانية المحتلة بما في ذلك السفن الأمريكية بغطاء كثيف من النيران والدعم اللوجستي مما أدى إلى انهيار المقاومة التركية ووصول الجنود اليونانيين “أوساك” متوغلين على عمق 175 كم داخل “أزمير”.
منذ ذلك اليوم لم تنقطع محاولات الأتراك ردّ الهجوم الأوربي – الأمريكي عن دولتهم، فشنّ الجيش التركي عدة هجمات لاستراد المدن التي استولت عليها القوات اليونانية على مدى ثلاث سنوات تقريبًا.
استطاع الجيش التركي تحقيق انتصارات هامة في تلك الفترة أسهمت مع الحراك الداخلي وارتفاع النزعة القومية للبلاد في تأهيل الشعب التركي لخوض حرب الاستقلال التي كانت مقدمة للاحتفال بمناسبة عيد النصر التركي .
من أهم هذه الانتصارات معركة “دملوبينار” في 30 أغسطس التي انتهت بمقتلة في الجيش اليوناني وسقوط العديد من أسلحته ومعداته الحربية غنيمة في يد الجيش التركي، وهي التي يعزى إليها ذكرى عيد النصر التركي .
من الانتصارات التي حققها الجيش التركي في تلك الفترة تفوّق فرقة القائد العسكري التركي المخضرم عصمت باشا في منطقة (إينونو) مرتين خلال عام 1920 مما أعاق تقدم القوات اليونانية إلى أعماق الأناضول.
رفع الانتصارات المتتالية للأتراك من أسهم حركتهم الدبلوماسية والسياسية التي نشطت في تلك الفترة والذي أسفر عن انسحال قوات فرنسا وإيطاليا من الأناضول بحلول أكتوبر تشرين الأول عام 1921.
كانت حركة القوميين بقيادة مصطفى كمال إتاتورك قد استغلت الظروف التي تمر بها تركيا لتثبيت أقدامها شعبيًا وتنفيذيًا داخل الدولة، وساعد اتجاه الحركة العلماني على قبول الغرب لها كبديل عن دولة الخلافة الإسلامية التي اعتبرت نفسها طوال 600 عام مضت جزءًا من العالم الإسلامي.
عيد النصر التركي
يمكن القول أن عيد النصر التركي بدأ فعليًا في أغسطس من عام 1922 فيما عرف 1922 بمعركة القائد العام؛ وفيها حارب آلاف الجنود الأتراك في مدينة أزمير ببسالة منقطعة النظير أسفرت عن هزيمة الجيش اليوناني وتحرير المدينة لكن بعد أن اضرم اليونانيون فيها النار فأبادوها عن آخرها.
بعد تلك المعركة حرص مصطفى كما إتاتورك على عقد بعض الاتفاقيات السياسية والعسكرية منها الهدنة التي عقدت مع بريطانيا ونصت على وقف القتال مع اليونانيين، وتعهد دول الحلفاء بعدم تقديم الدعم العسكري للجيش اليوناني إذا قرر الحرب على تركيا لاحقًا.
اقرأ أيضًا: العيد الوطني في لبنان
في ذلك الوقت كان في تركيا ’حكومتان‘ إحداهما في ’اسطنبول‘ وتمثل دولة الخلافة العثمانية، والأخرى في ’أنقرة‘ وتمثل مجموعة القوميين بقيادة مصطفى كمال إتاتورك، وقد فضلت دول الحلفاء التعامل مع الأخيرة في مؤتمر لوزان واصدرت عدة قرارات لتصفية الخلافة العثمانية رسميًا وبشكل نهائي.
وكان من نتائج هذا المؤتمر قيام ما يسمى بالجبهة الوطنية الكبرى بإعلان الجمهورية التركية في التاسع والعشرين من شهر نوفمبر عام 1923، وسمّي مصطفى كمال إتاتورك رئيسًا لها، كما نقلت العاصمة من إسطنبول ذات الصبغة الإسلامية إلى أنقرة.