يرى بعض العلماء أن التعرف على مراحل خلق الإنسان واجب على كل مسلم للأمر القرآني ﴿فَلْيَنْظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾، وأفضل الطرق لذلك تتبع مراحل خلق الإنسان في القرآن للوقوف على جوانب القدرة والإعجاز الإلهي.
وتأمل مراحل خلق الإنسان في القرآن تجعل الإنسان يتفكر في حقيقة نفسه، وقدرة الله عليه إذ خلقه ولم يكن شيئًا يذكر ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾، لكنّه زوده بمقومات الحياة والبقاء التي تتيح ممارسة جميع المهام المطلوبة على الأرض.
عندما نتدبر في مراحل خلق الإنسان في القرآن نجد أن كل مرحلة تتناسق تمامًا مع طبيعة المادة المكونة للإنسان، فما يحدث للإنسان وهو في مرحلة النطفة غير ما يحدث له في مرحلة المضغة أو العلقة أو ما بعد ذلك.
وهنا يتوجب على العقل البشري أن يقرّ بربانية هذا الدين الذي كشف عن تلك المراحل الدقيقة قبل أن يتوصل لها العلم الحديث بنحو ألف وأربعمائة سنة تقريبًا.
العناوين الرئيسية
مراحل خلق الإنسان في القرآن
عندما يتحدث القرآن الكريم عن مراحل خلق الإنسان فلابد أن نميز بيم حديثين؛ الحديث الأول عن خلق الإنسان الأول في هذا الكون (آدم عليه السلام) ومراحل خلقه تختلف تمام الاختلاف عن مراحل خلق بنيه الذي كانوا نتاج التزاوج بينه وبين زوجه.
مراحل خلق الإنسان الأول في القرآن الكريم
المرحلة الأولى
أول مراحل خلق الإنسان الأول في القرآن الكريم هي مرحلة ’’الطين‘‘؛ والطين هو المادة الناتجة من خلق الماء والتراب وهي أول مرحلة في خلق آدم عليه السلام كما يقول المولى عزوجل ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِنْ طِينٍ﴾.
وقد أخبرنا القرآن الكريم عدة مواصفات لهذا الطين الذي خلق منه الإنسان منه أنه كان لزجًا متماسكًا في بعضه ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ﴾.
المرحلة الثانية
أمّا المرحلة الثانية في خلق آدم حسب ما تكشفه مراحل خلق الإنسان في القرآن فهي مرحلة ’’الحمأ المسنون‘‘ ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾.
وهي المرحلة التالية التي شهدت تغير حالة الطين وخروجه عن شكله إلى هيئة الإنسان التي عليها خلق الناس حتى يومنا هذا، لكنه مجوف الداخل ليس فيه روح.
المرحلة الثالثة
يحدثنا القرآن عن تطور مراحل خلق الإنسان الأول الذي يتحول من بعد مرحلة الحمأ المسنون إلى مرحلة ’’صلصال كالفخار‘‘ وهي المرحلة التي يجف فيها الطين تمامًا حتى يصدر صوتًا إذا ضرب فيطلق عليه حينئذ ’’صلصال‘‘ ثم يسمى ’’فخارًا‘‘ عندما يوضع في النار ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ﴾.
المرحلة الرابعة
حتى هذه المرحلة كان جسد الإنسان الأول – آدم عليه السلام – مسجى بعد أن صوّر على هيئته لكن لا يستطيع القيام بأي من وظائفه التي يقوم بها البشر حاليًا حتى أفاض الله عليه نعمة كبرى فنفخ فيه من روحه ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾.
مراحل خلق الإنسان في القرآن
وبنفس التفصيل الذي شرح به القرآن الكريم مراحل خلق الإنسان الأول تعرفنا مراحل خلق الإنسان في القرآن الكريم كيف يخلق البشر منذ أولاد آدم وحتى يومنا هذا. إن الدقة والتفصيل المعجز الذي تورده الآيات ليجعل أشد المنكرين انكارًا ليتراجع؛ فما كان للنبي الأمي الذي يعيش في قلب الصحراء العربية أن يعلم هذه المعلومات من تلقاء نفسه قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان.
المرحلة الأولى
يبدأ خلق الإنسان كما يوضح لنا القرآن الكريم عندما يختلط ماء الرجل بماء المرأة وهي المرحلة التي عبر عنها اللفظ القرآني بــــــ ’’النطفة‘‘ في قوله سبحانه ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾.
المرحلة الثانية
ما إن يلتقي الحيوان المنوي للرجل ببويضة المرأة تبدأ عملية التلقيح وفق آلية عجيبة قدرها الله عزوجل حتى يتم التخصيب، وهنا ينتج من هذا اللقاء قطعة دم مجمدة اسماها القرآن الكريم ’’علقة‘‘.
قال تعالى -: ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً﴾، وقال سبحانه ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾.
المرحلة الرابعة
عندما نأتي إلى المرحلة الرابعة من مراحل خلق الإنسان في القرآن الكريم نجد الآيات قد تحدثت عن ’’المضغة‘‘ وهي القطعة الصغيرة من اللَّحم بقدر ما يُمضَغ.
وقد فصلت الآيات أن هذه المضغة تبدأ كمضغة غير مُخلَّقة وتستمر هذه المرحلة من الأسبوع الثالث حتى الأسبوع الرابع، ولا يكون هناك أي تمايز لأي عضو أو جهاز.
اقرأ أيضًا: فوائد السبع المثاني
لكنها تتحول إلى مضغة المُخلَّقة بعد نهاية الأسبوع الرابع من الحمل فتنمو الخلايا وتتطوَّر، ليكون الإنسان في أحسن تقويم، وتنتهي هذه المرحلة في نهاية الشهر الثالث تقريبًا.
قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾.
المرحلة الخامسة
المرحلة الخامسة من مراحل خلق الإنسان في القرآن هي مرحلة خلق العظام حيث تحوَّل قطعة اللحم إلى هيكل عظمي، قال تعالى -: ﴿ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا ﴾.
المرحلة السادسة
في المرحلة السادسة يكسو الله عزوجل الهيكل العظمي باللحم ﴿ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ﴾.
المرحلة السابعة
هي تلك المرحلة التي تتجلى فيها العظمة الإلهية فينفخ سبحانه من روحه في هذه التكوين ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ﴾ لينتقل هذا المخلوق من العجز إلى القدرة، ومن الجمود إلى الحركة، ومن الموت إلى الحياة.