تباينت أراء العلماء في تحديد السبع المثاني فبينما ذهب جمهور العلماء إلى أنّها الفاتحة أمّ الكتاب، رأى البعض الآخر أن السبع المثاني يقصد بهنّ السور الطوال المتتاليات في القرآن الكريم، وهي البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، إذ اعتبرت التوبة والأنفال سورة واحدة لتوافق موضوع السورتين.
العناوين الرئيسية
العلماء الذين قالوا أن السبع المثاني هي السور الطوال
العلماء الذين قالوا بأن السبع المثاني هي السور الطوال في القرآن الكريم والتي سبق ذكرها، علماء مشهود لهم برجاحة الرأي وحسن الاستنباط، ويأتي في مقدمتهم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، فكما أورد الطبراني في تفسيره قال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن يونس، عن ابن سيرين، عن ابن مسعود في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: السبع الطُّوَل.
ومنهم ايضًا عبد الله بن عباس الذى روى عنه الطبراني أكثر من رواية منها: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يَمان، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: السبع الطُّوَل.
وكذلك حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة ، والأنعام، والأعراف. قال إسرائيل: وذكر السابعة فنسيتها.
وممن قال أن السبع المثاني هي السور الطوال من القرآن نفر من التابعين منهم سعيد بن جبير كما اورد الطبراني: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: هي الطُّوَل: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس.
وكذلك الإمام مجاهد صاحب التفسير على ما ذكره الطبراني: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، في قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: من القرآن السبع الطُّوَل السبع الأول.
العلماء الذين قالوا أن السبع المثاني هي الفاتحة
أمّا العلماء الذين ذهبوا إلى أن السبع المثاني هي آيات سور الفاتحة فقد استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه حيث قال: عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ قَالَ له : (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ : أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ) .
ومن الصحابة الذين ذهبوا هذا المذهب عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب كما ورد في تفسير الطبراني: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن السديّ، عن عبد خير، عن عليّ، قال: السبع المثاني: فاتحة الكتاب.
وكذلك الحسن بن علي بن أبي طالب: حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب.
سبب تسميتها بهذا الاسم
وقد اختلف سبب تسمية السبع المثاني بهذا الاسم تبعًا لرأي كل فريق فمن ذهب إلى أنها السور الطوال في القرآن الكريم قال أنها سميت كذلك لأنهن تُثْنَى فيهنّ الأمثالُ والخبرُ والعِبَر.، أي تكرر فيهن الأمثال والأخبار والمواعظ.
أما من ذهبوا إلى أن الفاتحة هي السبع المثاني فقد تعددت تأويلاتهم فمنهم من قال: لأنها تُثْنَي في كلّ قراءة، أي تكرر في كل صلاة، ومنهم من قال: لِأَنَّهَا تُثَنَّى كُلّ رَكْعَة أَيْ تُعَاد، وقيل: لِأَنَّهَا يُثْنَى بِهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَقِيلَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة لَمْ تَنْزِل عَلَى مَنْ قَبْلهَا.
فضائل وفوائد السبع المثاني
إذا كان الرأي الراجح وما استقر عليه جمهور العلماء أن سورة الفاتحة هي السبع المثاني فإن ذلك يدفعنا إلى التعريف ببعض فضلها وفوائدها:
تشمل جوامع الدعاء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : “تأملت أنفع الدعاء ، فإذا هو سؤال العون على مرضاته ، ثم رأيته في الفاتحة في : (إياك نعبد وإياك نستعين)”.
تدفع الهمّ والغم وتجلي الصدر
يقول الإمام ابن القيّم “فاتحة الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني والشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاح وحافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك”.
استخدمت كرقية بإقرار من النبي صلى الله عليه وسلم
استخدم الصحابة رضوان الله عليهم الفاتحة كرقية للشفاء من الأمراض وأقرهم على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث أَبِي سَعِيد الخدرى رضي الله عنه قال:
{بَعَثنَا رَسُولُ الله في سَرِيَّةٍ ، فَنَزَلنَا بِقَوْمٍ فَسَأَلنَاهُمْ القِرَى فلم يَقْرُونَا ، فَلُدِغَ سَيِّدُهُم فَأَتَوْنَا
فقالُوا: هَلْ فِيكُم مَنْ يَرْقِي مِنَ العَقْرَبِ؟ قُلْتُ : نَعَم أَنَا ، وَلَكِنْ لاَ أَرْقِيِه حتى تُعْطُونَا غَنَماً ،
قالُوا: فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلاَثِينَ شَاةً ؛ فَقَبِلْنَا ، فَقَرَأْتُ عَلَيِه الْحَمْدَ لله سَبْعَ مَرَّاتٍ ، فَبَرأَ وقَبَضْنَا الغَنَم، قَالَ: فَعَرَضَ في أَنْفُسِنَا مِنْهَا شَيْءٌ ، فَقُلْنَا لاَ تَعْجَلُوا حتى تَأْتُوا رَسُولَ الله ، قالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْهِ ، ذَكَرْتُ لَهُ الذي صَنَعْتُ ، قالَ (وَمَا عَلِمْتَ أَنَّهَا رُقَيْةٌ؟ اقْبِضُوا الغَنَمَ وَاضْرِبُوا لي مَعَكُمْ بِسَهْم).
أفضل سورة في القرآن الكريم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ ؟ قَالَ : فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا) صححه الألباني في صحيح الترمذي