ذخرت الشريعة الإسلامية بمجموعة أحاديث عن العلم جاءت لتوكد عناية هذا الدين بالتعلم والمعلم والمتعلم، وترفع من شأن السعي في تحصيل العلوم النافعة التي يرتقي بها المجتمع وتتحقق بها أسباب قوته.
ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع في حزمة أحاديث عن العلم أن العلم النافع كالغيث الذي يحي الأرض بعد مواتها، فيستبشر بها الناس، وتنتفع به كل المخلوقات.
العناوين الرئيسية
أحاديث عن العلم تحض على إكرام المتعلمين
من أجمل ما ورد من أحاديث عن العلم ما وضح به النبي صلى الله عليه وسلم كيفية استقبال المتعلمين، وإكرامهم، وإنزالهم منزلة متميزة كرامة لسعيهم في طلب العلم، وشرحًا لصدورهم في التلقي والاستجابة.
عن أبي سعيدٍ الخدري – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((سيأتيكم أقوامٌ يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبًا مرحبًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقْنُوهم))، قلت للحكم: ما اقْنُوهم؟ قال: علِّموهم.
رواه ابن ماجه (247)، وحسنه الألباني، الصحيحة (280).
وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمتعلمين وحاملي العلم إلى الناس فعن محمد بن جُبَير بن مُطعِم، عن أبيه رضي الله عنه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيفِ مِن منًى فقال:
((نضَّر اللهُ امرأً سمع منا حديثًا فحفِظه حتى يُبلِّغَه غيره؛ فرُبَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فقهٍ ليس بفقيهٍ)).
رواه أبو داود (3660)، ورواه الترمذي رقم (2795)، ورواه ابن ماجه (3056.
أحاديث عن العلم توضح فضله
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع فضل العلم والمعلمين والمتعلمين بما يحض على بذل الجهد والعرف ابتغاء الوصول إلى هذه المراتب العليا التي خص بها صلى الله عليه وسلم أهل العلم.
فعن أبي كَبْشَةَ الأنماريِّ – رضي الله عنه -: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الدنيا لأربعة نفرٍ، عبدٍ رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه، ويصِلُ فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبدٍ رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالًا لعملتُ بعمل فلانٍ، فهو بنيَّته، فأجرهما سواءٌ، وعبدٍ رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا، فهو يخبِطُ في ماله بغير علمٍ، لا يتقي فيه ربه، ولا يصِلُ فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبثِ المنازل، وعبدٍ لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملتُ فيه بعمل فلانٍ، فهو بنيَّته، فوِزْرُهما سواءٌ)).
رواه الترمذي (2325) وقال: هذا حديث حسن صحيح (3021)، وأصله في مسلم.
وعن حذيفة بن اليمانِ – رضي الله عنهما – قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العلم خيرٌ من فضل العبادة، وخير دِينكم الوَرَع)).
أخرجه الحاكم واللفظ له، وقال الذهبي: (1/ 93) على شرطهما
وعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ يؤتَوْنَ أجرَهم مرتين: الرجل تكون له الأمَة، فيُعلِّمها فيُحسِن تعليمها، ويُؤدِّبها فيُحسِن أدبها، ثم يُعتقها فيتزوَّجها، فله أجران، ومؤمن أهل الكتاب، الذي كان مؤمنًا، ثم آمَن بالنبي صلى الله عليه وسلم، فله أجران، والعبد الذي يؤدِّي حقَّ الله، وينصح لسيده))، ثم قال الشعبي: (وأعطيتكها بغير شيءٍ، وقد كان الرجلُ يرحل في أهونَ منها إلى المدينة).
رواه البخاري
أحاديث عن العلم النافع
ومن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على العلم النافع كان يتعوذ في دعائه من المعرفة التي لا ينبني عليها عمل يفيد الإنسان ومجتمعه.
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: كان مِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
((اللهم إني أعوذ بك مِن قلبٍ لا يخشع، ومن دعاءٍ لا يُسمَع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن علمٍ لا ينفع، أعوذ بك مِن هؤلاء الأربع)).
رواه النسائي
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((اللهم انفَعْني بما علمتَني، وعلِّمْني ما ينفعني، وزِدْني علمًا، الحمد لله على كل حالٍ، وأعوذ باللهِ مِن حال أهل النار)).
رواه الترمذي
وعن جابرٍ – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سلُوا الله علمًا نافعًا، وتعوَّذوا بالله من علمٍ لا ينفع)).
أخرجه ابن ماجه
نقصان العلم من علامات الساعة
ومما كشف عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما ورد من أحاديث عن العلم ، أن موت العلماء وما يصاحبه من ارتفاع العلم عن الأرض علامة من علامات يوم القيامة، وهذا يفهم أنه بموت علماء الدين يجهل الناس الخير والشر فيكثر الفساد وتعم الفوضى، وبموت علماء الدنيا تتعسر معايش الناس ويسوء حالهم وتضعف أبدانهم.
اقرأ ايضًا: أحاديث عن الصدق
عن أنس بن مالكٍ – رضي الله عنه – قال: لأحدثَنَّكم حديثًا لا يحدثكم أحدٌ بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مِن أشراط الساعة: أن يقِلَّ العلم، ويظهرَ الجهل، ويظهر الزنا، وتكثُرَ النساء، ويقلَّ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأةً القيمُ الواحد)).
رواه البخاري
عن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا يقبض العلمَ انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلمَ بقَبْض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهَّالًا، فسُئلوا فأفتَوا بغير علمٍ؛ فضلُّوا وأضلوا)).
رواه البخاري
العلم ينفع صاحبه بعد موته
وكذلك أوضح رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم أن أثر العلم يبقى بعد موت الإنسان فينفعه بعد انقطاع عمله.
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له)).
رواه مسلم