عني النبي صلى الله عليه وسلم بتنشئة جيل من المسلمين طاهر القلب، صدوق اللسان، صاف النيّة فكان مما يستخدمه لزرع هذه الفضائل في نفوسهم أحاديث عن الصدق تبين أهميته، وتكشف عن ثوابه، وتمجد فاعله، وتذم تاركه.
لم يقتصر منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعويد أصحابه على فضيلة الصدق على بث أحاديث عن الصدق في المجالس والخطب والمواعظ وحسب بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم المثال العملي لكلّ ذلك، فلم ينطق يومًا إلا حقًا، ولم يقل يومًا إلا الصدق، حتى عندما كان يمزح لم يكن ليكذب قط.
إن الصفة التي اشتهر بها النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة لم تكن القوة، ولا الغنى، ولا الدهاء والمكر وإنما عرفه أهل مكة ومن تعامل معه من التجار من خارجها بأنه الصادق الأمين.
العناوين الرئيسية
أحاديث عن الصدق
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من لم يدع الخنا والكذب، فلا حاجة لله – عز وجل – في أن يدع طعامه وشرابه “
- عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: ” ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب, ولقد كان الرجل يحدث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكذبة , فما يزال في نفسه [عليه]حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة “
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عليكم بالصدق , فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق , حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب, فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار , وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا “
صور الكذب التي حرمها الإسلام
تعدد الطرق التي عالج بها الإسلام مشكلة الكذب وقد كان منها تعاهد الأمة الإسلامية بحزمة من أحاديث عن الصدق في مواقف مختلفة، كما كان منها بيان أنواع الكذب التي يقع فيها البعض بغفلة وجهالة.
الكذب على الأطفال
من صور الكذب التي حرمها الإسلام الكذب على الأطفال ومخادعتهم حتى وإن كانت عقولهم لا تدرك ذلك.
فعن عامر بن ربيعة قال: دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال، أعطيك. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما أردت أن تعطيه؟” قالت: أعطيه تمرًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كتبت عليك كذبة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من قال لصبي: تعال هاك , ثم لم يعطه، فهي كذبة ”
ويدخل هذان الحديثان تحت مبدأ الوقاية خير من العلاج فإن الطفل الذي يربى بين أبوين لا يكذبان فمن الأرجح أن يلتزم الصدق في حياته والعكس بالعكس.
الكذب على رسول الله
والمقصود أن يختلق الإنسان أحاديث ينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لم يقلها ولم يأمر بها حتى لو كان بغرض دعوة الناس إلى خير أو زجرهم عن شر.
عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من قال علي ما لم أقل متعمدا , فليتبوأ مقعده من النار “.
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الذي يكذب علي يبنى له بيت في النار ”
اقرأ ايضًا: أحاديث عن النظافة توضح أهميتها في حياة الفرد والمجتمع
الكذب على الناس
حملت لنا كتب الحديث عددًا لا بأس به من أحاديث عن الصدق معها مجموعة من الأحاديث التي تنهى عن استخدام الكذب للاحتيال والتكسب من ورائه.
عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (” أربع من كن فيه كان منافقا خالصا وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ومن كانت فيه خصلة منهن , كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان , وإذا عاهد غدر وفي رواية: (وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر “).
ويدخل تحت ذلك الباب شهادة الزور التي هي كذب محض للتدليس على أحكام القضاء، وإضاعة حقوق الناس.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ هذه الآية: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور}.
عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ , ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ , ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ” , فقلنا: بلى يا رسول الله , قال: ” الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور , وشهادة الزور , ألا وقول الزور , وشهادة الزور “) (قال: ” فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكررها ” , حتى قلنا: ليته سكت
الكذب عند المزاح
من أكثر الأبواب التي يقع فيها الناس في رذيلة الكذب تحت دعوى الترفيه وإدخال البهجة على الآخرين رغم ما جاء في أحاديث عن الصدق لا يفرق بين أنواع الكذب.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ألا هل عسى رجل منكم أن يتكلم بالكلمة يضحك بها القوم , فيسقط بها أبعد من السماء , ألا هل عسى رجل منكم أن يتكلم بالكلمة يضحك بها أصحابه , فيسخط الله بها عليه , لا يرضى عنه حتى يدخله النار”
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ” لا يصلح الكذب في جد ولا هزل , ولا أن يعد أحدكم ولده شيئا ثم لا ينجز له “