تلخيص قصة عبد الرحمن بن عوف تحمل الكثير من الدروس والعبر والمعلومات القيّمة عن هذا الصحابي الجليل أحد العشرة الذين بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.
العناوين الرئيسية
من هو عبد الرحمن بن عوف
قبل البدء في تلخيص قصة عبد الرحمن بن عوف من المفيد أن نتعرف عن قرب على نسبه، فهو قرشيّ سمّي في الجاهلية عبد عمرو وقيل عبد الكعبة ووالده عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الزهري.
ولد بعد عام الفيل بعشر سنوات، وسماه النبي بعد دخوله في الإسلام (عبد الرحمن) وكان يكنى بأبي محمد.
تلخيص قصة عبد الرحمن بن عوف
سيدنا عبد الرحمن بن عوف من السابقين إلى دخول الإسلام بعد دعوته بواسطة أول من أسلم من الرجال –أبو بكر الصديق – وكان إسلامه قبل بدء تجمع المسلمين الأوائل في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وعمره حينئذ 30 عامًا.
وقد حاز سيدنا عبد الرحمن بن عوف على سبق الجمع بين الهجرتين فقد كان من المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة مرتين، ثم هاجر إلى المدينة بعد ذلك.
دوره في الدعوة إلى الله
في بداية تلخيص قصة عبد الرحمن بن عوف لا بد أن نذكر دوره في الدعوة إلى الله عزوجل والتي ساعدته فيها مجموعة مقومات شخصية قلما تجتمع في شخص واحد؛ فقد كان بن عوف تاجرًا محبوبًا يتمتع بنسب وشرف في قومه، بالإضافة إلى كونه خبيرًا بقريش وما يحدث فيها فكان العرب يتوافدون عليه يسمعون منه ويستفيدون من مشورته.
هذه الصفات مكنت عبد الرحمن بن عوف من التغلغل إلى قلوب الناس سريعًا فبدأ بدعوة المقربين إليه وكان من أولّ من أستجاب إليه الزبير بن العوام وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص.
عبد الرحمن بن عوف في المدينة
هاجر عبد الرحمن بن عوف إلى المدينة بعد ترك خلفه كلّ ما جمعه في حياته من تجارته وعمله، هاجر فقيرًا معدمًا فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الذي ضرب مثلًا خارقًا في الأخوة والإيمان عندما عرض على بن عوف أن يقاسمه ماله وزوجتيه.
رفض سيدنا عبد الرحمن بن عوف العرض المغري من أخيه في الإسلام وانطلق إلى السوق واثقًا في توفيق الله له، وفي مهارته في التجارة وهو الذي كان يقول عن نفسه ((لقد رأَيْتُني لو رفَعْتُ حجَراً لَوَجَدْتُ تحته فِضَّةً وذَهَباً)).
وقال عنه بعض المؤرخين: كان تاجرًا مجدودًا في التجارة، وكسب مالًا كثيرًا، وخلف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحًا فكان يدخل منه قوت أهله سنة.
انفاقه في سبيل الله
من أروع ما يحكى عن انفاق عبد الرحمن بن عوف قصته مع السيدة عائشة التي علمت بقدوم إحدى قوافله إلى المدينة وكانت تضم نحو 700 راحلة فقالت ((أمَا إني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم, يقول: رأيتُ عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوًا)).
فلما وصلته مقولتها ثَّ خطاه إلى بيت عائشة، وقال لها: لقد ذكَّرتِني بحديث لم أنسه، ثم قال: أما إني أُشهدكِ أن هذه القافلة كلها بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله، ثم قال: والله لأَدْخُلَنَّها خَبَباً ليس حَبْواً ، تنفيذًا لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال له: ((يا ابن عَوْفِ إنك من الأغْنِياء، وإنَّك سَتَدْخُل الجنَّة حَبْواً، فأَقْرِض الله يُطْلِقُ لك قَدَمَيْك)).
عبد الرحمن بن عوف مجاهدًا
تلخيص قصة عبد الرحمن بن عوف لا بد وأن يتضمن دوره كجندي وقائد في صفوف الجيش الإسلامي وليس فقط تاجرًا موسرًا.
كلَّف النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف بمهام قتالية متعددة منها أن أرسله قائدًا في سرية دومة الجندل وأوصاه قائلاً: “غز بسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله، لا تغل ولا تغدر ولا تقتل وليدًا” وقال: إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم، فسار عبد الرحمن حتى قدم دومة الجندل، فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيًا، وكان رأسهم وأسلم معه ناس كثير من قومه وأقام من أقام على إعطاء الجزية، وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وقدم بها إلى المدينة وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن.
وفاة عبد الرحمن بن عوف
توفي سيدنا عبد الرحمن بن عوف سنة إحدى وثلاثين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة بالمدينة. ودفن بالبقيع وصلى عليه عثمان وكان قد أوصى بذلك.
وكان في أواخر أيامه شديد الخشية أن يكون ممن عجل الله لهم في الدينا مع سبقه وإيمانه وجهاده، ولما حضرته الوفاة بكى بكاء شديدًا فسئل عن بكائه فقال: إنَّ مصعب بن عمير رضي الله عنه كان خيرًا مني توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له ما يكفن فيه وإن حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه كان خيرًا مني لم نجد له كفنًا، وإني أخشى أن أكون ممن عجلت له طيباته في حياته الدنيا وأخشى أن أحتبس عن أصحابي بكثرة مالي.