يندرج ما جاء من أحاديث عن الإرهاب تحت عناوين مختلفة في الشريعة الإسلامية فمنها ما يقع تحت حكم ترويع الآمنين ومنها ما يتعلق بحرمة الدماء.
والشريعة الإسلامية عنت عناية كبرى بأمن الإنسان واستقراره النفسيّ، فضلًا عن سلامة جسده وماله وعرضه، فنجد أن العلماء غلظوا فتاواهم فيما يتعلق ببث الخوف والترعيب وترهيب الناس.
وانطلق العلماء في هذه الأحكام من أحاديث صحيحة منها ما رواه الإمام مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه).
وقد علّق الإمام النووي على الحديث فقال: (فِيهِ تَأْكِيد حُرْمَة الْمُسْلِم , وَالنَّهْي الشَّدِيد عَنْ تَرْوِيعه وَتَخْوِيفه وَالتَّعَرُّض لَهُ بِمَا قَدْ يُؤْذِيه. وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمّه. مُبَالَغَة فِي إِيضَاح عُمُوم النَّهْي فِي كُلّ أَحَد, سَوَاء مَنْ يُتَّهَم فِيهِ, وَمَنْ لَا يُتَّهَم, وَسَوَاء كَانَ هَذَا هَزْلًا وَلَعِبًا, أَمْ لَا، لِأَنَّ تَرْوِيع الْمُسْلِم حَرَام بِكُلِّ حَال).
العناوين الرئيسية
أحاديث عن الإرهاب وحرمة ترويع الآمنين
وقد تعددت الأحاديث التي يمكن أن تصنيفها أن أحاديث عن الإرهاب ومنها كل ما يندرج تحت إدخال الفزع في قلوب الناس ومنها:
ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
وما رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود وأحمد، وحسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعبًا أو جادًا، فمن أخذ عصا أخيه فليردها إليه).
و عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: )لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري، لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار).
وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه رضي الله عنه أن رجلاً، أخذ نعل رجل فروَّعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن روعة المسلم عند الله عظيمٌ».
أحاديث عن الإرهاب وحرمة الدماء
وإذا كان الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم قدّ نهيا عن ترويع المسلم ولو لعبًا/ فكيف بمن رفع السلاح في وجه الآمنين المسالمين، وأدخل الرعب والفزع في قلوب الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز؟
ومن حرمة إرهاب الناس واستباحة دمائهم وردت أحاديث كثيرة تحذر من هذا الأمر وتبين عاقبة فعله في الدنيا والآخرة.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات”.
وعن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول: يا رب، هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول : قتلته لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي. ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول: إن هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان، فيقول : إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه.
وعن ابن عباس، أنه سأله سائل فقال: يا أبا العباس ، هل للقاتل من توبة ؟ فقال ابن عباس كالمتعجب من شأنه: ماذا تقول؟ فأعاد عليه المسألة، فقال له: ماذا تقول؟ مرتين أو ثلاثا، ثم قال ابن عباس: أنى له التوبة؟ سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ” يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه، متلببا قاتله بيده الأخرى يشخب أوداجه دما، حتى يأتي به العرش، فيقول المقتول لله : رب هذا قتلني ، فيقول الله عز وجل للقاتل : تعست ، ويذهب به إلى النار.
بشاعة جريمة الإرهاب
وعن يزيد الرقاشي قال: حدثنا أبو الحكم البجلي، قال: سمعت أبا سعيد الخدري ، وأبا هريرة يذكران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار”.
وعن عبد الله بن عمر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله، ودمه، وأن نظن به إلا خيرا.
إرهاب غير المسلمين
ولا يقتصر هذا النهي على دماء المسلمين خاصة وإنما دماء الغير معصومة أيضًا إلا بحقها فعن عببد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما.
أقوال العلماء فيما ورد من أحاديث عن الإرهاب والترويع
شدد العلماء في أحكام القتل بغير حق والإرهاب حتى قال الإمام ابن دقيق العيد تعليقًا على حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما أنه قال : “من حمل علينا السلاح فليس منا”.
((و قوله: “فليس منا”: قد يقتضي ظاهره الخروج عن المسلمين لأنه إذا حمل “علينا” على أن المراد به المسلمون كان قوله: “فليس منا” كذلك، وقد ورد مثل هذا فاحتاجوا إلى تأويله كقوله عليه السلام: “من غشنا فليس منا”، وقيل فيه: ليس مثلنا أو ليس على طريقتنا أو ما يشبه ذلك)).