ذكرت كتب الأحاديث الصحيحة مجموعة أحاديث عن العمل تكشف حرص الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم على أن يكون المجتمع المسلم مجتمعًا عاملًا لا مكان فيه للفارغين، مجتمعًا مشغولًا بالبناء على مستوى الفرد والأمة.
العناوين الرئيسية
آيات عن العمل في القرآن الكريم
ورد ذكر العمل والحث عليه في غير موضع في القرآن الكريم ارتبطت جميعها بالفضل والمكانة المتميزة للعاملين، بل وربط الله عزوجل عمارة الأرض والسعي فيها بالعبادة وفضائل الأعمال فقال سبحانه
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15].
وقال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } [الجمعة:10].
وقال تعالى: { وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل:20]. وقال الله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج:28].
كما حث القرآن الكريم المسلمين على رعاية أعمالهم ومصالحهم التي يرتزقون منها فقال سبحانه {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} [طه:54].
وقال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:14].
وقال الله تعالى: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ. أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ: 10-11].
أحاديث عن العمل
كما وجه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم في جملة أحاديث عن العمل إلى فضل العامل على القاعد، وأن المسلم لا يقبل أن يكون كلًّا على غيره، وأن الإنسان الساعي ليعف نفسه ويكسب رزقه خير من المتبطل المتواكل على غيره.
وقد جاء هذا في عدة أحاديث عن العمل منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده» (أخرجه البخاري).
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَأنْ يَحتطب أحدُكم حزمةً على ظهره خيرٌ له من أن يَسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه» (أخرجه البخاري).
كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنَّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (أخرجه أبو يعلى في مسنده، والبيهقي في الشعب).
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين أنه والأنبياء من قبله كام لكل منهم حرفة ومهنة يرتزق منها ضاربين المثل للمؤمنين بهم والمصدقين برسالتهم فقد قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما بعثَ الله نبيًّا إلَّا وَرَعى الغنم))، فقالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: ((نعم، كنتُ أرعاها على قراريطَ لأهلِ مكَّة))؛ رواه البخاري.
وحفز رسول الله صلى الله عليه وسلم في باقة أحاديث عن العمل أن يأكل الإنسان من عمل يده، وأن يتاجر بالحلال فرَوَى الحافظُ البزَّارُ عن رِفاعة بن رافِع: أنَّ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – سُئِل: أيُّ الكسب أطيبُ؟ قال: ((عمَلُ الرَّجلِ بيده، وكُل بيْع مبرور)).
وعلى الجانب الآخر حذّر صلى الله عليه وسلم من التواكل ورفض الأعمال البسيطة أو الشاقة وبيّن أن الأكرم للمسلم أن يقوم بالمهام الصعبة مقابل القليل من المال خير من أن يكون عالة يسأل الناس فعن الزُّبير بن العوَّام – رضي الله عنه -: أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((لَأَنْ يأخذَ أحدُكم حَبلَه، فيأتيَ بحُزمة الحطب على ظهره، فيبيعَها، فيكُفَّ اللهُ بها وجهَه – خيرٌ له مِن أن يسألَ الناس، أعطَوْه أو منعُوه))؛ رواه البخاري.
وكذلك ما جاء عن أنس – رضي الله عنه -: أنَّ رجلًا من الأنصار أتى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يسأله فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أَمَا في بيتك شيء؟))، قال الرَّجل: بلى، حِلْسٌ نلبس بعضَه، ونبسط بعضه، وقَعْبٌ نشربُ فيه من الماء، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ائتني بهما))، فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – بيده، وقال: ((مَن يشتري هذين؟))، فقال رجل: أنا آخذهما بدِرهم، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن يَزيد على درهم؟)) مرَّتين أو ثلاثًا، قال رجل: أنا آخذهما بدِرهمين، فأعطاهما إيَّاه وأخذ الدِّرهمين، وأعطاهما الأنصاريَّ، وقال: ((اشترِ بأحدهما طعامًا، فانبذه إلى أهلك، واشترِ بالآخرِ قَدُومًا فأتِني به)).
فأتاه به، فشدَّ فيه رسولُ – صلَّى الله عليه وسلَّم – عودًا بيده، ثم قال له: ((اذهبْ فاحتطب وبِعْ، ولا أرينَّك خمسةَ عشرَ يومًا))، فذهَبَ الرجل يحتطبُ ويبيع، فجاء وقد أصاب عَشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا، وببعضها طعامًا، فقال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هذا خيرٌ لك مِن أن تجيءَ المسألةُ نُكتةً في وجهك يومَ القيامة؛ إنَّ المسألة لا تصلح إلَّا لثلاثة: لذي فَقر مُدقِع، أو لذي غُرْم مُفظِع، أو لذي دمٍ مُوجِع))؛ رواه أبو داود.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ كل يوم صباحًا ومساءً من العجز والكسل يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل))، مبينًا أهمية نعمتي الصحة والفراغ فعن ابن عبَّاس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ))؛ رواه البخاري.
كلمات عن أهمية العمل
وقد توارث الصحابة رضوان الله عليهم قيمة وأهمية العمل من النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يدعون المسلمين من بعده إلى الجدّ والسعي والكدح فقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لا يَقعدنَّ أحدُكم عن طلبِ الرِّزق، وهو يقول: اللهمَّ ارزقني، وقد علِمَ أنَّ السَّماء لا تُمطِر ذهبًا ولا فِضَّة).
اقرأ أيضًا: أدعية جلب الرزق والمال من السنة النبوية
وقال أيضًا (إنِّي لأرى الرَّجل فيُعجبني، فأسأل: ألَه مهنة؟ فإن قيل: لا، سقط مِن عيني).