عند سماع قصة سعد بن معاذ مختصرة أو مطوّلة يستشعر المسلم فضل الرعيل الأول من المسلمين الذين حملوا الرسالة وأدوا الأمانة وجاهدوا في الله حق الجهاد فما لانت عريكتهم، وما نبت أيديهم، ولا خدعتهم الدنيا بزخرفها.
العناوين الرئيسية
قصة سعد بن معاذ مختصرة
أول مدخل إلى قصة سعد بن معاذ مختصرة أن نتعرف على نسبه وأصله ومنشأه، و هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا عمرو. وأمه هي كبشة بنت رافع بن عبيد بن ثعلبة، لها صحبة، فقد أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماتت بعد ابنها سعد بن معاذ.
وزوجته هي عمّة صحابي جليل أيضًا هو (أسيد بن حضير)، وكان قد تزوجها أخوه أوس بن معاذ فولدت له الحارث بن أسلم وشهد بدرًا، ثم مات عنها فتزوجها أخوه سعد بن معاذ فولدت له عبد الله وعمرو، وأسلمت وبايعت.
سعد بن معاذ في الجاهلية
حظي سعد بن معاذ بمقومات خِلقية وخُلقية وعقلية جعلته يتبوأ مراكز القيادة والصدارة في قومه منذ وقت مبكر في حياته فقد كان رضي الله عنه من أطول الناس وأعظمهم، وكان رجلاً أبيضَ جسيمًا جميلاً، حسن اللحية، حاضر الفكرة، عازم الإرادة.
وقد أهلته هذه الصفات ليكون سيّد قبيلته – قبيلة بني عبد الأشهل –ورأس الأوس، مواليًا العديد من القبائل والشخصيات العربية النافذة في شبه الجزيرة العربية مثل بني قريظة في يثرب، وأميّة بن خلف في مكة.
كيف اسلم سعد بن معاذ؟
ونحن نعرض قصة سعد بن معاذ مختصرة يجدر بنا أن نعرج على قصة إسلامه، إذ اسلك سعد قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بنحو عام تقريبًا، وكان عمره عند الإسلام واحدًا وثلاثين عامًا.
وقد تعرف سعد بن معاذ على دعوة الإسلام من مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة –مصعب بن عمير – لكن سعدًا لم يقنع بالخير لنفسه وهو سيّد قومه المطاع فيهم فقال لقبيلته بني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا. فأسلموا جميعًا فكان من أعظم السادة بركة على أهله.
وقد كان لسعد بن معاذ مكانته في الإسلام كما في الجاهلية، وكيف لا وهو قد شهد مع رسول الله غزواته الكبرى بدرًا وأحدًا والخندق لم يتخلف عنها.
مواقف مضيئة في حياة سعد بن معاذ
شهدت حياة سعد بن معاذ القصيرة بمعايير أهل الدنيا المديدة بمعايير المواقف والبطولات العديد من النقاط المضيئة التي تجلّى فيها جوهر الإيمان على حقيقته؛ ومنه تبرأه من المنافقين الذين تزعمهم عبد الله بن أبي سلول أحد زعماء يثرب، ومنها لعنه لليهود الذين استخدموا المداراة بكلمات من لغتهم التي يفهمها سعد لسبّ الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لهم: عليكم لعنة الله، لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي لأضربَنَّ عنقه. فقالوا: أوَ لستم تقولونها؟ فنزلت الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
ومنها حكمه على اليهود فعن أبي سعيد الخدري: أن أناسًا هم أهل قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل إليه، فجاء على حمار فلما بلغ قريبًا من المسجد، قال النبي: “قوموا إلى خيركم أو سيدكم”. فقال: “يا سعد، إن هؤلاء نزلوا على حكمك”. قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وتُسبى ذراريهم. قال : “حكمت بحكم الله أو بحكم الملك”.
وفاه سعد بن معاذ
ومما نختم به قصة سعد بن معاذ مختصرة أن نذكر وفاته كانت عقب قطع كاحله في غزوة الخندق فكان يقول: “اللهمَّ إنكَ تعلمُ: أَنْ ليس أحدٌ أحبّ إليَّ أن أُجاهد فيك مِن قومٍ كذبوا رسولكَ – صلى الله عليه وسلم – وأخرجوه، اللَّهمَّ فإن كان بقيَ من حرب قريشٍ شيءٌ فأبقني؛ أجاهدهم فيكَ، اللَّهمَّ فإني أظنُّ أنكَ قد وضعتَ الحربَ بيننا وبينهم، فإن كنتَ وضعتَ الحرب بيننا وبينهم، فافْجُرْها، واجعل موتي فيها”، فانفجرت من لَبَّتِه، فلم يَرُعْهُم – وفي المسجد معه خيمةٌ من بني غِفار – إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا: “يا أهل الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قِبَلِكُم؟!”، فإذا سعدٌ جَرْحُهُ يَغْذو دمًا فمات.
حزن النبي صلى الله عليه وسلم
تُوُفِّي رضي الله عنه يوم الخندق سنة خمس من الهجرة، وهو يومئذٍ ابن سبع وثلاثين سنة، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودُفن بالبقيع.
وقد حزن النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – لفراق سعدٍ كثيرًا، وأخبر أن عرش الرَّحمن قد اهتزَّ لموته؛ عن جابرٍ – رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قال: ((اهتزَّ عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ.
وقد صاحب موته كرامات لم تحدث لأحد من قبله إذ شيّعه سبعون ألف ملك لم تطأ أقدامهم الأرض قبل ذلك حسبما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سمع أحد المنافقين يقول: ما رأينا كاليوم، ما حملنا نعشًا أخف منه قط. فقال رسول الله: “لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا سعد بن معاذ، ما وطئوا الأرض قبل ذلك اليوم”.
وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم أن سعدًا في الجنّة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أهدي للنبي جبة سندس، وكان ينهى عن الحرير، فعجب الناس منها فقال: “والذي نفس محمد بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا”.
وذكرت السيدة عائشة أن سعد بن معاذ يحظى بمكانة اعتبارية لم يحظ بها أحد من المسلمين فعنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “للقبر ضغطة، لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ”.