المعركة التي خسرها خالد بن الوليد كانت قبل إسلامه وهو لا يزال أحد قادة جيش مشركي قريش، فقد شارك خالد بن الوليد وهو إذ لا يزال كافرًا في معركتين ضد المسلمين هما معركتي أحد والخندق.
لم يشهد خالد بن الوليد معركة بدر فقد كان مسافرًا إلى الشام في ذلك الوقت لذلك كان أشد حماسة في معركة أحد للثأر من المسلمين وتعويض غيابه عن المعركة الأولى التي أذلت أنوف كفار قريش في شبه الجزيرة العربية.
العناوين الرئيسية
خالد بن الوليد في معركة أحد
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى جبل أحد خارج المدينة المنورة لملاقاة جيش الكفار الذي عاد طالبًا الثأر لهزيمته يوم بدر.
وقد وضع الرسول خطة عسكرية محكمة تقضي بأن يجعل المسلمون الجبل في ظهورهم حتى لا يعلوهم الكفار، وأن يتولى الرماة حماية المسلمين من فوق الجبل فإذا اقترب عسكر المشركين نابلوهم فردّوهم من بعيد.
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرماة وشدد عليهم ألا يغادروا موقعهم فوق الجبّل سواء انتصر المسلمون أو انهزموا.
وقد أثمرت خطة النبي العسكرية عن انتصار ساحق للجيش الإسلامي الذي أغار على مقاتلي قريش فصدع صفوفهم، وأوقع خلالهم اضطرابًا كبيرًا نتج عنه انسحاب غير منظم مكن المسلمين من ضرب ظهور الكفار ومطاردتهم.
بدأ المسلمون بعد هروب المشركين في جمع الغنائم، وأسر من لم يستطع الفرار من المشركين عندئذ رغب الرماة في مشاركة بقية الجيش الفوز بالغنائم فنهاهم قائدهم الصحابي الجليل (عبد الله بن حرام) مذكرًا بوصيّة النبي صلى الله عليه وسلم وأوامره التي شدد فيها بعدم مغادرة الجبل.
لم يستمع الرماة لأوامر قائدهم، وظنوا أن المعركة قد انتهت، فغادروا موقعهم الاستراتيجي ونزلوا عن الجبل تاركين ظهر الجيش الإسلامي مكشوفًا دون حماية.
وهنا تظهر العبقرية العسكرية لخالد بن الوليد الذي كان متربصًا بالرماة منتظرًا اللحظة التي يغفلون فيها عن وظيفتهم، فما إن ترك الرماة مواقعهم حتى سارع خالد وفرسانه باحتلالها ليصبح رماته خلف الجيش الإسلامي، فأرسل حينئذ من يخبر فلول قريش بالوضع الجديد فعادوا مستبشرين وبذلك طوّق الجيش الإسلامي بين العائدين من جيش كفار قريش من الأمام وبين جنود خالد بن الوليد في الخلف.
وهكذا فإن معركة أحد ليست هي المعركة التي خسرها خالد بن الوليد بل تعتبر إحدى المعارك التي ظهرت فيها قدراته العسكرية.
المعركة التي خسرها خالد بن الوليد
إذا أردنا أن نتحدث عن المعركة التي خسرها خالد بن الوليد فهي بالتأكيد معركة (الخندق) التي شارك فيها كأحد أمراء الحرب وقواد جيش مشركي قريش.
ربما ليس من الإنصاف أن تذكر معركة الأحزاب (الخندق) على أنها المعركة التي خسرها خالد بن الوليد لأنه لم يكن القائد العام للجيوش لكن لا شك أن الهزيمة تمسه بشكل مباشر إذ كان قائد كتيبة من فرسان المشركين كلّفت باختراق الخندق وعبوره من أحد أطرافه لكنها فشلت في ذلك.
ورغم العدد الهائل لاتحاد جيوش الكفر في الجزيرة العربية في غزوة الأحزاب والذي يقدر بنحو عشرة آلاف مقاتل مشرك من قريش وغطفان وبني سليم وغيرهم مقارنة بجيش المسلمين الذي لم يصل عدده إلى ثلاثة آلاف مقاتل، فإنّهم قد فوجئوا بحيلة الخندق التي شلّت عقولهم عن التفكير إذ لم يكن الخندق مألوفًا في حروبهم السابقة.
بالإضافة إلى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمّن الخندق بالرماة الذين استهدفوا كل من يقترب منه مما أعجز المشركين وأسقط في أيديهم.
حتى صناديد الكفار الذين قاموا بما يسمى حديثًا بالعمليات الخاصة لعبور الخندق وقد نجحوا في ذلك ومنهم عمرو بن عبد ود، ومعه عكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وغيرهم تصدّى لهم أفذاذ الجيش الإسلامي مثل علي بن أبي طالب الذي قتل عمرو بن ودّ.
وقد حاول خالد بن الوليد في هذه المعركة التي تبقى في سجله على أنها المعركة التي خسرها خالد بن الوليد أن يقتحم الخندق من أحد نقاطه الضيقة، وقد أوشك أن يفعل ذلك مع فرسانه لكن واجهه الصحابي الكبير أسيد بن حضير رضي الله عنه في كتيبة من مائتي مسلم وردّه مهزومًا.
وبذلك تصبح غزوة الخندق هي المعركة التي خسرها خالد بن الوليد وآخر الهزائم في سجلّه العسكري.