حكم الصلاة بالحذاء من القضايا الفقهية التي دائمًا ما تثير الجدل في المساجد والأماكن التي قد يضطر فيها المسلم للصلاة منتعلًا مثل الحدائق والمقابر والشوارع وغيرها.
وبينما يذهب البعض إلى أنّها فعل مخالف للذوق العام ومن ثمّ لا يعقل أن تكون سنّة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يذهب البعض الآخر إلى أنّها الأصل ويجب على كلّ مسلم أن يصلي منتعلًا!
وهنا نحاول أو نوضح آراء العلماء المختلفة حول حكم الصلاة بالحذاء مستدلين بالأدلة الشرعية وصولًا للرأي الذي اتفق عليه الجمهور.
العناوين الرئيسية
حكم الصلاة بالحذاء
يمكننا القول بأن حكم الصلاة بالحذاء قد يأخذ عدة أشكال حسب المواقف المختلفة وهذا من مرونة الفقه الإسلامي ومناسبته لطبيعة الزمان والمكان.
فإذا كنّا نتحدث عن حكم الصلاة بالحذاء بشكل مجرد فهو صحة الصلاة والإباحة لكونه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث صحيحة متواترة ولكن على شروط.
أمّا الأحاديث التي دلت على صحة الصلاة بالنعل أو الحذاء فمنها أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه سئل ( أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ قَالَ نَعَمْ ) البخاري.
وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم. وعند أحمد وأبي داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً.
وقد اشترط العلماء لصحة الصلاة بالأحذية خلوها من النجاسة؛ إذ أنّ طهارة الجسد والثوب ومكان الصلاة من شروك صحة الصلاة عامة.
حكم الصلاة بالحذاء وفيه نجاسة
وقد أفتى العلماء أن المسلم إن صلى في حذائه فاكتشف فيهما نجاسة أو تذكر ذلك أو نبهه من حوله توجب عليه نزعهما أثناء الصلاة لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاتَهُ قَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ قَالُوا رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ قَالَ أَذًى وَقَالَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا) أبو داود650 وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
حكم الصلاة بالحذاء في المساجد المفروشة
ومع الإقرار بصحة الصلاة بالحذاء عامة فقد رأى جمهور من العلماء أنّع إذا ترتب ضرر أو أذى بمكان الصلاة لاستخدام الأحذية والنعال كتقذر المكان، أو هلكة الفرش والسجاد، أو تأذي المصلين بالطين أو التراب فإنه لا يصلى بالأحذية في الأماكن المجهزة بالبسط وغيرها .
وقد أفتى الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة أستاذ الفقه وأصوله جامعة القدس – فلسطين قائلًا: (ولا يعني هذا أن ندخل المساجد المفروشة بالسجاد والموكيت بأحذيتنا فإن هذا مناف للذوق السليم، ولكن إن صلينا في الساحات أو في أفنية المساجد نصلي بأحذيتنا ولا شيء في ذلك ولا ينبغي لأحد أن ينكر على من يصلي بحذائه لأن هذا الأمر ثابت بالسنة النبوية المطهر).
حكم الصلاة بالحذاء لمخالفة المشركين
يؤجر المسلم بإذن الله تعالى إذا نوي الصلاة في الحذاء استجابة للنبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول ( خَالِفُوا الْيَهُود فَإِنَّهُمْ لا يُصَلُّونَ فِي نِعَالهمْ وَلا خِفَافهمْ ) ولكن يجب أن يكون هذا في غير المساجد المفروشة كما أسلفنا.
فيمكن للمسلم الحريص على تطبيق هذه السنة أن يقوم بها في منزله عند صلاة النوافل والسنن مثل الضحى والتهجد والتسابيح أو عند الصلاة في أماكن غير مجهزة.